لم يعد الواقع الصعب الذي تعيشه العديد من الفرق الأردنية، مجرد خلل، فعندما تتكرر المأساة، وتغيب الحلول، فإن ذلك يعتبر فشلاً لمنظومة كرة القدم، ولا يمكن أن يبقى محصوراً بالمدرب فقط.

وأصبحت بطولة الدوري الأردني، مرشحة لدخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية في حال تواصلت حلقات مسلسل "تسريح المدربين"، كأكثر البطولات التي تشهد تغييراً على صعيد الأجهزة الفنية.

وبلغ عدد المدربين الذين أشرفوا على تدريب "12" فريقاً في الموسم الماضي، نحو 24 مدرباً، لكن في الموسم الحالي، ووفقاً للمؤشرات الأولية، تبدو الفرصة مواتية لتحطيم الرقم السابق، فالفيصلي يبحث عن مدربه الثالث في الموسم الحالي، والأمر انطبق على البقعة وذات راس والرمثا.

وتعيش جماهير الكرة الأردنية في حيرة من أمرها، فكلما تتوسم الخير قبل بداية الموسم، تصطدم مجدداً بالواقع الأليم، فالاستقرار الفني لفرقها بالكاد يصمد لعدة مباريات.
 
وتبدو الأسباب التي تقود إلى رحيل المدربين وباختلاف التسميات "الإقالة أو الاستقالة" حيث أصبح المعنى واحد، متعددة ومتداخلة، ونجملها في أربعة أسباب هي:

-أولاً: مجالس الإدارات: الاحتراف الإداري غائب عن مجالس الإدارات، فالرؤية والتخطيط العلمي للنهوض بفرق كرة القدم أشبه بالغائب، بل أن غالبية هذه المجالس منقسمة فيما بينها، وهذه مأساة أخرى.

وقبل بداية كل موسم يتسابق أعضاء مجالس الإدارات للظهور إلى الأضواء عبر تصريحات رنانة بحثاً عن كسب شعبية جماهيرية، من بينها: "لن نقبل سوى بالألقاب، الفريق يمرض ولا يموت ، تعاقدنا مع مدرب كبير لحصد الألقاب، ما مضى مجرد كبوة جواد ، سنسعد جماهيرنا في كل مكان"، ويمضي الوقت، لتتكشف الحقائق، ويغيب هؤلاء المصرحون عن المشهد، وتكون المحصلة جمهور ضحية للتخبطات الإدارية.
 
-ثانياً: المدربون: حال المدربين محير للغاية في الملاعب الأردنية، منهم من يحظى بسيرة تدريبية زاخرة بالإنجازات، لكنه ما عاد يجتهد ، اعتقد بأن اسمه كاف ليرعب الفرق ، وبأن تاريخه يكفي لتحقيق الفوز، وهنا يسقط بفخ الظنون، ويغرق فريقه بالوهم، حيث يخسر فريقه أمام فرق يقودها مدربون مجتهدون سجلهم يخلو من أي إنجاز.

والقسم الآخر من المدربين هم مدربون بلا صلاحيات، فالتدخلات في تشكيلة الفريق وانتقاء اللاعبين، ليست من صلاحياته، وسكوته فقط يعني استمراره، واعتراضه يعني إقالته.

-ثالثًا: اللاعبون: في عصر الاحتراف، لم يعد عطاء اللاعب داخل الملعب كما كان في السابق، فزمن الانتماء ولّى بلا رجعة، والتفكير أصبح محصوراً بمقدم العقد وراتب آخر الشهر، وبتجنب الإصابة لضمان مواصلة مسيرة الإحتراف في الموسم المقبل .

كما أن الغالبية من اللاعبين لا يتمتعون بعقلية احترافية، ومصلحة فريقه، آخر اهتماماته.

رابعاً: الجماهير: العاطفة تبدو الغالبة على هذه الجماهير، وهي تلعب دوراً فيما يحدث، فمنهم يضغطون على مجالس الإدارات للتعاقد مع هذا اللاعب أو ذاك، واللاعبون أصبحوا منشغلين بنشر "بوستات فيس بوك" للتاثير على عقول الجماهير، فيكسبون الشعبية، ويصبحون مطلباً جماهيرياً، رغم عدم مقدرتهم على العطاء، وما أن يشارك في مباراة حتى تطالب الجماهير باستبداله.

كما أن الجماهير تلعب دوراً في صنع القرار الإداري، فكثير من مجالس الإدارات يعملون على تنفيذ مطالب الجماهير كإقالة مدرب أوفسخ عقد لاعب، بهدف صرف الأنظار عن تخبطهم الإداري في إدارة شؤون فرق كرة القدم، وأصبح همهم المحافظة على كراسيهم في مجلس الإدارة.