إعلان
إعلان

ساوثهامبتون… سياسة التقشف البناءة

خلدون الشيخ
02 أغسطس 201420:00
05
في الساحل الجنوبي لانجلترا كانت الضحكات تتعالى في موقف أقرب الى ما يكون مأساوياً، فنادي ساوثهامبتون الذي اعتبر الحصان الأسود الموسم الماضي في الدوري الانكليزي، فتح متجره على أوسع أبوابه، وتخلى عن خمسة نجوم بالاضافة الى المدرب، ليدر الى خزينته ما يقرب من 100 مليون جنيه استرليني.
ردود الفعل الطبيعية من أنصار النادي الجنوبي، من المفترض ان تكون غاضبة، لكن بسبب شدة الصدمة، تحول الأمر الى نوع من الفكاهة، فبعض الأنصار اعتبر ان النادي بات يملك ما يكفي لاعادة شراء النجم القديم غاريث بيل من ريال مدريد، الذي كان من أوائل من أنتجتهم أكاديمية النادي وجعلتهم من النجوم الكبار، في حين نشر المدرب الجديد رونالد كومان صورة على «تويتر» لملعب التدريبات وهو فارغ من للاعبين رغم وجود كل التجهيزات المعدة للتمارين، في اشارة الى عدم وجود لاعبين في فريقه بعد رحيلهم. 
قد يبدو الأمر غريباً لناد يعتاش من بقائه في الدرجة الممتازة، فرحيل آدم لالانا (25 مليوناً) وريكي لامبيرت (4 ملايين) وديان لوفرين (20 مليوناً) الى ليفربول، ولوك شو (30 مليوناً) الى مانشستر يونايتد، وكالوم تشامبرز (16 مليوناً) الى أرسنال، بالاضافة الى رحيل المدرب ماوريسيو بوشيتينيو الى توتنهام.
مالكة النادي، السويسرية كاثرينا ليبهير، التي ورثت النادي عن والدها الراحل في 2010، تدرك ماذا تفعل، رغم ان الأمر قد يبدو تخبطاً وتسرعاً في أخذ قرارات غير مدروسة، بالتخلي عن «دعاماتها» الرئيسية، فهي دخلت الصيف الحالي بحاجة الى توفير 22 مليون جنيه لدفعها كديون عالقة من شراء لاعبين في السابق، ومن تكاليف اعادة تجهيز البنى التحتية لمركز تدريبات الفريق التي قفزت من 15 مليون جنيه الى 30 مليوناً، وهي نجحت في تحويل مبلغ 33 مليوناً من قروض الى أسهم جارية.
رئيس النادي رالف كروغر، الذي عينته ليبهير ليكون بديلاً للرئيس السابق نيكولا كورتيزي، قال ان بيع اللاعبين بالجملة، ليس عاملاً أساسياً لتقليص ديون النادي، بل في تحفيز الآلة الاعلامية والتجارية للنادي، ومع ذلك يدرك كروغر ان الاستمرار في سياسة البيع اللامحسوب، مثلما اعتقد البعض، ليس وارداً، فهو كان أول من أصدر بياناً يؤكد فيه رفض بيع نجمه الفرنسي مورغان شنايدرلين والمهاجم الانكليزي جيمس رودريغز الى توتنهام، ما أغضب اللاعبين، خصوصاً النجم الفرنسي، الذي نشر على صفحته في «تويتر» كلمات قاسية، تقول: ما بني في 6 سنوات… دمر في ساعة واحدة»، في اشارة الى بيع نجوم الفريق.
ورغم ذلك، فان لاعبين آخرين رحلوا من دون ضجة كبيرة، ويقترب النادي من بيع او اعارة المهاجم الايطالي داني أوزفالدو الى انتر ميلان، وهو ما قاد مدافع الفريق ناثان كلاين الى التساؤل برهبة عن مستقبله ومستقبل زملائه في الفريق، وعن قدرة الفريق على تكرار انجاز الموسم الماضي بالحلول في المركز الثامن، في ظل نزع الروح من قلب الفريق. 
مدرب تشلسي جوزيه مورينيو، انسحب من السباق لضم لوك شو (18 عاماً) لسبب بسيط انه طالب براتب اسبوعي يبلغ 100 جنيه، لانه «سيقتل معنويات زملائه»، وهذا في تشلسي، فماذا لو حصل شو على هذا المبلغ وهو في ساوثهامبتون، وكان الأمر سيمتد الى بقية زملائه النجوم في الفريق، وكان سيغوص النادي في وحل من الديون لا يقدر على الخروج منه. لكن المشكلة، التي تبدو وكأنها مشكلة، أن ساوثهامبتون دفع ثمن نجاحه غير العادي الموسم الماضي، وسمعته الرائعة في تفريخ النجوم، فبعد لالانا وشو وتشامبرز، فان النادي أنتج غاريث بيل وثيو والكوت وتشامبرلين في السابق، ولأنه يدرك قدراته الحقيقية وحدوده، فانه لا يستطيع اسعاد نجومه بدفع رواتب عالية، ولا يمكن رفض مبالغ خيالية للاستغناء عنهم، لكن الأمر أصبح متأزماً كون سبعة من نجومه رحلوا في وقت واحد، رغم ان أحد أوائل قوانين لعبة سوق الانتقالات هو تأمين البديل قبل الاستغناء عن النجم، لكن اكتشف المدرب الجديد كومان ان أندية اللاعبين الذين يريدهم لتعويض الغيابات، رفعت الأسعار كونهم يدركون ان لدى ساوثهامبتون ما يكفي من المال بعد بيع نجومه بأسعار عالية، ففشل كومان في ضم حارس سيلتك فرازير فوستر وزميله الهولندي فيرغيل فان دييك ومواطنه المدافع رون فلار من استون فيلا. ومع ذلك نجح كومان في ضم لاعبين بعقليتين هجوميتين الايطالي غراتسيانو بيلي من ناديه السابق فيينورد (8 ملايين جنيه) وصانع الالعاب دوسان تاديش من تفينتي (10.9 مليون)، وسيكون الرهان الأكبر عن رزمة جديدة من المواهب التي لا تنضب من أكاديمية ساوثهامبتون، الموجودة بكثرة، أمثال لاعب الوسط هاريسون ريد، والمدافع الأيسر مات تارغيت، وأيضاً جاك ستيفنز وسام مكوين وجوردان تيرنبول ولويد ازغروف كلها أسماء ستلمع في السنوات المقبلة، لكن النادي يظل بحاجة الى لاعبين أصحاب خبرة يبقونه ضمن النخبة في الدرجة الممتازة. 
ورغم الأجواء القاتمة والسلبية، يملك ساوثهامبتون ما يكفي ليبقى في الدرجة الممتازة، لكن أيضاً ستظل الصقور تحوم فوق «سانت ماري» لخطف أي موهبة جديدة، لأنه ببساطة أبدع في صنعهم وصقلهم.

** نقلا عن جريدة القدس العربي الفلسطينية
إعلان
إعلان
إعلان
إعلان