يعد الجزائري حسام عوار من بين أبرز المواهب التي عرفت طريقها إلى دوري روشن السعودي للمحترفين الصيف الماضي، حيث انضم للاتحاد، وقدم أوراق اعتماده في فترة وجيزة، ليضيف فصلا لامعا لمسيرته الاحترافية.

عوار "26 عاما" المولود في ليون بفرنسا ينحدر من أصول جزائرية لأسرة هاجرت في ستينيات القرن الماضي، لكن الأسرة لا زالت تعتز بالأصل والمنشأ بمحافظة بني صاف غرب الجزائر.

ويقدم "كووورة" خلال السطور التالية الحلقة السادسة من سلسلة "ريمونتادا"، المكونة من 8 حلقات على مدار شهر رمضان المبارك، بواقع حلقتين أسبوعيا، يومي الأحد والثلاثاء.

وتتناول السلسلة الحديث عن المعاناة في مسيرات أبرز النجوم المسلمين، الذين ينشطون حاليا في دوري روشن السعودي للمحترفين، قبل أن يتجاوزوا المحن ويحققوا الإنجازات أينما حلوا وارتحلوا، وسيكون عوار نجم الحلقة الخامسة.

بدأ عشق عوار لكرة القدم في سن مبكرة، فطغت على رغبته في التحصيل الدراسي واستكمال تعليمه.

خلاف أسري

تسبب هذا "العشق الممنوع" في صدام بين حسام ووالده الذي كان يرغب في أن يكمل ابنه دراسته، خشية أن تستدرجه اللعبة لمسارات أخرى غير محمودة العواقب، خاصة أنه كان من أسرة فقيرة.

لكن أمام إصرار الولد الصغير شق طريقه في عالم كرة القدم، ولم يجد الأهل مفرا من دعمه والسعي لتعزيز موهبته وتوجيهه للطريق الصحيح.

وقدم الوالدن كل ما لديهما لتحقيق حلمه فالتحق بأكاديمية أولمبيك ليون عام 2009 بعمر 11 عاما، وسريعا توج مع فريقه بطلا لفرنسا مع فريق تحت 17 سنة وهو بعمر 16 عاما.

وقد لفت عوار الأنظار إليه بعدما سجل هدفا في الفوز 3-1 على باريس سان جيرمان، علما بأنه كان قد أحرز 27 هدفا وقدم 15 تمريرة حاسمة بموسم التتويج.

ومن فريق الشباب إلى الفريق الأول فرض نفسه كموهبة واعدة، وبات خيارا للمراحل السنية لمنتخبات "الديوك".

قميص جونينيو



كان النجم البرازيلي جونينيو المثل الأعلى لحسام عوار، إذ يعد من أساطير ليون، وتألق بالقميص رقم 8 قبل أن يحصل عليه عوار، وقد ظل هذا الرقم شاغرا منذ رحيل كورنتين توليسو.

عوار كان يضع نصب عينيه أيضا موهبة أسطورية مثل زين الدين زيدان كمثل أعلى، لا سيما أن الأخير ذو أصول جزائرية أيضا ما يجعله يطمح لأن يسير على خطاه.

إلى الجزائر

تمنى عوار أن يسير على درب زيدان ونجم ليون السابق كريم بنزيما، في تمثيل "الديوك" على مستوى المنتخب الأول، لكن أمنيات النجم الشاب اصطدمت بحاجز أسري جديد.

لقد كانت والدته وجده يرغبان في أن يمثل الجزائر، والمفاجأة أنه عندما تحدث مع بنزيما في 2018 أقنعه بتمثيل بلده الأصلي الجزائر.

وظلت مسألة الجنسية الرياضية أمرا محيرا لعوار الذي قال سابقا إنه يحمل الهوية الفرنسية لأنه كبر وترعرع في هذا البلد، لكنه أيضا من أصل جزائري، ويرتبط بقوة مع بلده الأصلي.

ومال اللاعب لاختيار القلب والعاطفة وتلبية رغبة العائلة، نافيا أن يكون خروجه من حسابات مدرب فرنسا ديدييه ديشامب سببا في ابتعاده عن تمثيل "الديوك".

واستمال عوار قلوب أنصار محاربي الصحراء عندما صرح في مؤتمر صحفي في مارس/آذار عام 2023 بأنه ندم على تمثيل فرنسا، وأنه يشعر بأن قدره يرتبط بالجزائر، قبل أن يخوض أول مواجهة بتاريخ 18 يونيو/حزيران من نفس العام ضد أوغندا بالتصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأفريقية.

صدمة إيطالية



تزامنت البداية الدولية الجديدة لعوار مع رحيله عن ليون وخوضه تجربة جديدة بقميص روما الإيطالي، أعلن ندمه عليها لاحقا.

وانضم عوار لروما في عهد المدرب البرتغالي المخضرم جوزيه مورينيو، الذي رحل في يناير/كانون الثاني 2024، فوجد حسام نفسه في حيرة بشأن مستقبله مع الفريق العاصمي.

عباءة بنزيما

وفي صيف العام نفسه تهيأت فرصة ذهبية لعوار للعب إلى جوار مثله الأعلى كريم بنزيما، في اتحاد جدة، وتمت الصفقة بنجاح.

وقال عوار في حوار سابق أثناء وجوده في الاتحاد إن قرار اللعب في السعودية، كان سهلا، موضحا: "السر في سهولة الاختيار أن الدوري يتطور يوما تلو الآخر. رأيت العديد من اللاعبين الذين انضموا لأندية دوري روشن، وهذا ما شجعني على خوض التحدي".

وتابع: "تحدثت إلى المدرب لوران بلان قبل مجيئي إلى هنا، كذلك جمعني حديث مع بنزيما، لأنني أعرفه جيدا، بالإضافة إلى أنه كان أحد لاعبي ليون السابقين، وكنت أحلم دائما باللعب معه، لأنه أحد أفضل المهاجمين في التاريخ".

وزاد: "بنزيما أكد لي أن النادي يمتلك مشروعا جيدا، وهدفه واضح تجاه المستقبل، وعندما يخرج هذا الحديث من لاعب مثله، فيجب عليك أن تصدقه، بالإضافة لرغبتي في اللعب معه".

وأوضح عوار: "لا يوجد فارق بين الدوري السعودي والإيطالي والفرنسي، فجميعهم يحبون كرة القدم، ويمتلكون قدرات فنية وتكتيكية جيدة، والحضور الجماهيري رائع، لكنه ليس جديدا بالنسبة لي، لأنني لعبت في مثل هذه الأجواء رفقة روما وليون".



وأكد عوار أنه تأقلم سريعا في الاتحاد لأنه يعرف أغلب اللاعبين مثل كانتي وفابينيو وبنزيما وديابي، كما لعب ضد دانيلو بيريرا وبيرجوين، ورغبة كل الفريق في مساعدته، مضيفا: "الجميع يتمتع بعقلية رائعة".

بقميص الاتحاد تجاوز عوار حاجز الـ9 أهداف وهو أعلى معدل تهديفي وصل إليه مع ليون، إذ سجل بقميص "الإتي" 10 أهداف وصنع 4، حتى الآن.

على الصعيد الفني أيضا أظهر عوار قدرات فنية خاصة، من خلال اللعب بأريحية في الثلث الهجومي، مع منحه حرية التحرك من جانب مدربه الفرنسي لوران بلان الذي يثق في قدراته كضلع رابع مُكمل للثلاثي الهجومي كريم بنزيما، موسى ديابي، وستيفن بيرجوين.

عوار ورمضان

كغيره من اللاعبين المسلمين اعتاد عوار الصيام خلال شهر رمضان حتى لو تصادف ذلك مع ارتباطه بمباريات مع فريقه أو منتخب بلاده.

وفي تصريح سابق عبر صحيفة "الهداف" الجزائرية أكد عوار أنه اعتاد الصيام منذ الصغر وأنه لا يجد أي تعارض بين خوض مباريات أو تدريبات والتزامه بالصوم.

ولعبت أسرة عوار دورًا كبيرًا في التنشئة على القيم الإسلامية، رغم أنه ولد في فرنسا ونشأته في البلد الأوروبي، ما يجعله يحرص بشكل دائم على الصيام في كل عام في أي نادٍ يمثله وكذلك على مستوى المنتخب الوطني.

اشترك الآن على شاهد للاستمتاع بأبرز مباريات دوري روشن السعودي