بعد ثلاثة أشهر فقط من هذا التصريح خلال مؤتمره الصحفي الأول، لا بد أن نتساءل: هل ما يزال روبن أموريم يحتفظ بنفس الإيمان بلاعبي مانشستر يونايتد؟
النتائج لا تبشر بالخير. أربعة انتصارات فقط في أول 15 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز، جعلت الفريق يتراجع إلى المركز الخامس عشر، مبتعدًا بفارق 13 نقطة فقط عن مراكز الهبوط.
"لدينا العديد من المشاكل"
تعرض مانشستر يونايتد لانتكاسة جديدة مساء السبت على ملعب جوديسون بارك، حيث تعادل 2-2 مع إيفرتون، الذي يعيش فترة انتعاش تحت قيادة مدربه الجديد - والقديم ليونايتد - ديفيد مويس. ومع ذلك، كان من الممكن أن تكون النتيجة أسوأ بكثير.
الشوط الأول كان كارثيًا بالنسبة ليونايتد، حيث سيطر إيفرتون تمامًا على مجريات اللعب وتقدم بهدفين قبل الاستراحة.
المثير للدهشة أن يونايتد لم يسدد أي كرة على المرمى خلال أول 70 دقيقة من اللقاء، ولم يبدأ الفريق في الاستفاقة إلا بعدما سجل برونو فيرنانديز هدفًا رائعًا من ركلة حرة منخفضة في الزاوية البعيدة، ليقلص الفارق.
ثم نجح مانويل أوجارتي في منح يونايتد نقطة التعادل في الدقيقة 80 عبر تسديدة مذهلة "على الطاير"، لكن الفريق كان محظوظًا أيضًا بعدما تدخل تقنية الفار لإلغاء ركلة جزاء لصالح إيفرتون في اللحظات الأخيرة.
ورغم العودة في النتيجة، لم يكن هناك أي سبب للاحتفال، خاصة بالنسبة لروبن أموريم، الذي بدا محبطًا بعد المباراة.

عند سؤاله عن سبب فشله حتى الآن في تحقيق أي زخم إيجابي مع مانشستر يونايتد، أجاب أموريم في تصريحاته لشبكة "تي إن تي سبورتس" بعد المباراة: "لا أعلم. لو كنت أعلم، لكنت قد غيرت ذلك. علينا أن نستمر في التركيز على الجولة المقبلة، كل ما نقوم به خلال الأسبوع يجب أن نطبقه في المباريات. إذا فعلنا ذلك، سنكون أقرب إلى الفوز، كما ظهرنا في الشوط الثاني".
وأضاف: "في هذه اللحظة، نحتاج إلى التركيز المتواصل.. يجب علينا البقاء على قيد الحياة هذا الموسم، وبعد ذلك نفكر في المستقبل. لدينا الكثير من المشاكل، وعندما نذهب إلى المباراة ونترك الوقت يمر دون ردة فعل، يصبح الأمر صعبًا للغاية".
وتابع: "لا أريد التركيز فقط على السلبيات، الشوط الثاني كان أفضل بكثير من حيث الإيمان بالقدرة على العودة. في النهاية، كنا قريبين من الفوز بهذه المباراة".
الطريقة المثلى لإحداث تغيير حقيقي
منذ وصوله إلى أولد ترافورد، كانت صراحة روبن أموريم سلاحًا ذو حدين. رفضه تقديم أعذار للأداء السيئ، ورفضه تجميل النواقص الموجودة في الفريق – الذي وصفه بشكل مثير للجدل بأنه "الأسوأ في تاريخ النادي" – جعله عرضة للتشكيك في أسلوبه القيادي.
لكن بالمقارنة مع مدربه السابق إريك تين هاج، فإن نهج أموريم يمثل نقيضًا تامًا.
المدرب الهولندي فشل تمامًا في فرض أي تغيير حقيقي، وأصبح موضع سخرية بسبب تصريحاته الوهمية، التي كان يؤكد فيها أن الفريق "يتقدم" بعد كل هزيمة مخزية. علاوة على ذلك، أظهر تين هاج ولاءً أعمى للعديد من اللاعبين الذين خذلوا الفريق مرارًا وتكرارًا.
أما الآن، فلدينا مدرب يواجه المشاكل مباشرة بدلاً من دفن رأسه في الرمال. الواقع أن يونايتد في وضع النجاة حاليًا، وأموريم يكتشف من يستحق البقاء ومن لا يمكن الاعتماد عليه في هذه المرحلة الحرجة.
معظم لاعبي الفريق الأول يقاتلون الآن من أجل مستقبلهم في النادي، حيث يطالبهم أموريم بأعلى المعايير الممكنة رغم أنهم يفتقرون إلى الجودة والشخصية المطلوبة.
ولكن هذه الطريقة هي الوحيدة لإحداث التغيير الثقافي المطلوب، والقضاء على عقلية التراخي التي سيطرت على أولد ترافورد طوال العقد الماضي.
"التزموا بالخطة!"
طالب العديد من المشجعين والنقاد روبن أموريم بتغيير تكتيكاته لإيقاف تراجع مانشستر يونايتد. وتكرر هذا الأمر بين شوطي مباراة إيفرتون، لكن المدرب البرتغالي لم يفكر أبدًا في التخلي عن 3-4-3 التي حقق بها نجاحًا كبيرًا مع سبورتنج لشبونة.
كشف قائد الفريق برونو فيرنانديز عن حديث أموريم مع اللاعبين، قائلًا لشبكة "تي إن تي سبورتس": "طلب منا التمسك بالخطة، كان هذا أكثر ما أغضب المدرب منا. علينا الالتزام بالخطة التي وضعناها منذ بداية الموسم وجعلها تعمل، حتى لو لم تسر الأمور على ما يرام. يجب أن نتمسك بأفكارنا".
وأكد أموريم هذا النهج بنفسه، مضيفًا: "في التدريبات، نواصل القيام بنفس الأشياء. لهذا السبب لم نغير أي شيء في الشوط الثاني، علينا فقط تنفيذ الخطة، ولكن بطريقة صحيحة."
حتى الآن، أدى هذا الإصرار على النهج التكتيكي إلى وصف أموريم بأنه مدرب عنيد أحادي البعد، لكن الصورة الكاملة لا تؤخذ بعين الاعتبار عند إطلاق هذه الأحكام.

السبب الرئيسي لفشل إريك تين هاج لم يكن ضعف النتائج فقط، بل كان افتقار الفريق إلى هوية واضحة. بدون خطة واضحة أو أنماط لعب ثابتة، كان مانشستر يونايتد يعتمد فقط على لحظات فردية من التألق، وهو أمر غير مستدام.
حتى عند فوزه بكأس الرابطة وكأس الاتحاد الإنجليزي، لم يكن ذلك بسبب رؤية تكتيكية واضحة من تين هاج، بل جاء الأمر دون تدخله، نتيجة لمواهب فردية استطاعت إنقاذ الفريق في اللحظات الحاسمة.
يونايتد كان بحاجة إلى مدرب عنيد وصارم قادر على إصلاح الضرر الذي سببه تين هاج، وهذا بالضبط ما يجلبه أموريم إلى الطاولة. التحسن سيأتي إذا حصل على الوقت الكافي، لكن نجاحه أيضًا يعتمد على الدعم في سوق الانتقالات، بنفس الطريقة التي حصل عليها سلفه.
أموريم يدفع الثمن
المشاكل التي يشير إليها أموريم ليست من صنع يديه، بل تكاد تكون خارجة عن سيطرته تمامًا. أبرز هذه المشاكل هي قائمة الإصابات الطويلة التي يعاني منها مانشستر يونايتد، حيث تأكد غياب أماد ديالو وليساندرو مارتينيز حتى نهاية الموسم، في حين يواجه كوبي ماينو "أسابيع" من الغياب، وما يزال موعد عودة كل من لوك شو ومايسون ماونت غير محدد.
أماد وماينو قد يكونان من بين أفضل اللاعبين في يونايتد إلى جانب برونو فيرنانديز، بينما مارتينيز هو المدافع الوحيد الذي يمكنه اللعب على الجهة اليسرى في دفاع أموريم المكون من ثلاثة لاعبين.
لذا، ليس من المفاجئ أن يونايتد يعاني دفاعيًا ويستقبل الكثير من الأهداف، بينما يعاني هجوميًا في صناعة الفرص.
التوقيع مع باتريك دورجو، الظهير الشاب الموهوب، في يناير/كانون الثاني كان خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن يونايتد بحاجة إلى تعزيزات دفاعية أكبر في الصيف، بالإضافة إلى إيجاد بديل للحارس أندريه أونانا، الذي كلف الفريق أهدافًا كارثية هذا الموسم.
أما على المستوى الهجومي، فإن الفريق بحاجة إلى ثورة شاملة. راسموس هويلوند تم استبداله باللاعب تشيدو أوبين (17 عامًا) أمام إيفرتون، ما يعني أنه لم يسجل في آخر 16 مباراة بجميع المسابقات. الآن، يبدو أن مبلغ 72 مليون جنيه إسترليني (90 مليون دولار) الذي دفعه يونايتد لأتالانتا كان مضيعة للمال.
جوشوا زيركزي، الذي كلف النادي 36 مليون جنيه إسترليني (45 مليون دولار)، أظهر مهارات جيدة، لكنه بحاجة إلى تحسين فعاليته أمام المرمى بشكل كبير.
أما أليخاندرو جارناتشو، الموهبة الأرجنتينية، فيواصل تقديم مستويات متذبذبة، ما دفع أموريم للجوء إلى الأكاديمية لمحاولة سد الثغرات.
السبب الرئيسي لكل هذه الأزمات هو التخبط الذي أحدثه تين هاج في سوق الانتقالات. أموريم لم يكن له أي دور في التعاقدات السابقة، ومع ذلك يجد نفسه مسؤولًا عن التعامل مع قائمة ضعيفة مليئة بالثغرات، فكيف يمكن تحميله مسؤولية إخفاقات يونايتد، وهو لم يساهم أصلًا في صنعها؟

"تغيير جذري"
لو أن السير جيم راتكليف عيّن أموريم في يونيو/حزيران الماضي، لما كان مانشستر يونايتد في هذا الوضع الكارثي اليوم، لأن المدرب البرتغالي كان سيتمكن من بناء فريقه الخاص منذ البداية.
لكن قرار مجموعة "إنيوس" غير المبرر بتمديد عقد إريك تين هاج انعكس بشكل كارثي على النادي، وترك أموريم أمام مهمة شبه مستحيلة لإنقاذ موسم كان قد تحطم بالكامل بالفعل.
علاوة على ذلك، تخلى أموريم عن فرصة شبه مؤكدة للفوز بلقب الدوري البرتغالي مع سبورتنج لشبونة.
في تصريحات أدلى بها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشف المدرب البرتغالي كيف أجبر على اتخاذ قرار سريع بشأن مستقبله قائلا: "لقد دفعوا فوق قيمة الشرط الجزائي. لم أقم بأي مفاوضات مع رئيس سبورتنج حول هذه المسألة".
وتابع: "كان طلبي الوحيد هو البقاء حتى نهاية الموسم، وخلال ثلاثة أيام كنت مصممًا على ذلك. لكنهم أخبروني أن هذا غير ممكن، وأن الأمر كان "الآن أو أبدًا"، وإلا فإن مانشستر يونايتد سيبحث عن خيار آخر. كان لدي ثلاثة أيام فقط لاتخاذ قراري. لقد كان التغيير جذريًا في حياتي، لكنني لم أملك أكثر من هذه الفترة للتفكير، لذا اتخذت قراري".
كان على أموريم الخروج من منطقة راحته بالكامل وترك النجاح شبه المضمون في البرتغال من أجل مشروع إعادة بناء معقد وصعب في أولد ترافورد.
لكن قراره لم يكن مدفوعًا بالمال، حيث كشف قائلًا: "أعلم أن جماهير سبورتنج أصيبت بخيبة أمل بسبب قراري، لكنني لم أرغب في تفويت الفرصة الوحيدة التي كنت أريدها. البعض يقول إنه كان بسبب المال، لكن الحقيقة أن هناك نادٍ آخر أراد التعاقد معي قبله ودفع ثلاثة أضعاف ما دفعه مانشستر يونايتد".
ما التالي؟
ألقى أموريم بنفسه في قلب العاصفة. فقط لهذا السبب، يستحق احترامًا أكبر بكثير. لم يأتِ المدرب البرتغالي إلى أولد ترافورد متوقعًا أو واعدًا بإصلاح مانشستر يونايتد بين عشية وضحاها.
هل استخف بحجم المشاكل العميقة في غرفة الملابس؟ ربما. وقد اعترف بنفسه بأن بدايته الكارثية مع الفريق قد جرحت كبرياءه. لكن هذا لا يعني أنه بدأ يشكك في قدراته كمدرب. بعد الخسارة 1-0 أمام توتنهام في 16 فبراير/شباط، قال أموريم: "أنا أفهم وضعي، وأعرف وظيفتي، وأنا واثق من عملي، وكل ما أريده هو الفوز بالمباريات".
قد يستغرق الأمر وقتًا قبل أن يبدأ الفريق في تحقيق الانتصارات المتتالية. لكن، على الرغم من كل الإخفاقات، هناك إيجابيات يجب على جماهير يونايتد التركيز عليها، مثل الفوز 2-1 في الديربي على مانشستر سيتي، والتعادل 2-2 مع متصدر الدوري ليفربول في مباراة مثيرة، والفوز في الدور الثالث من كأس الاتحاد الإنجليزي على آرسنال بـ10 لاعبين، وخصوصا في مباراة ليفربول، ظهرت بوادر نجاح أسلوب أموريم التكتيكي.
المشكلة الوحيدة أن الفريق لا يملك الجودة الجماعية الكافية للاستمرار على هذا المستوى.
ومع ذلك، بمجرد أن يحصل أموريم على الدعم اللازم في سوق الانتقالات ويوقع مع لاعبين يناسبون فلسفته التكتيكية، سيبدأ الاستقرار في الظهور تدريجيًا.
ظهور بعض المطالبات بإقالة أموريم يؤكد مدى تقلب عالم كرة القدم الحديث. لا يهم أين سينهي مانشستر يونايتد الموسم في جدول الترتيب، أو ما إذا كان سينتهي الموسم بدون أي لقب؛ اللوم لا يجب أن يُلقى على أموريم.
في ظل هذه الظروف الصعبة والمحبطة، المدرب البرتغالي يقوم بعمل جيد بالنظر إلى الأدوات المتاحة له. وإذا استمر النادي في منحه الثقة والوقت اللازمين، فإن مستقبل مانشستر يونايتد سيكون أكثر إشراقًا مما يبدو الآن.