ولا يختلف اثنان على أن بنزيما أخفق في موسمه الأول مع اتحاد جدة، إذ لم يكن على قدر تطلعات الجماهير في 6 بطولات مختلفة، ليخرج الفريق بسجل صفري.
ولم يستطع بنزيما، الفائز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم عام 2022، قيادة الاتحاد للحفاظ على لقب الدوري السعودي للمحترفين، الذي كان حققه الفريق موسم 2022-2023.
وخاض بنزيما مع الاتحاد 33 مباراة في البطولات الست، سجل خلالها 16 هدفًا، وقدم 8 تمريرات حاسمة.
ورغم أن أرقام بنزيما تبدو مقبولة بالنسبة لمهاجم آخر، كونه ساهم في الأهداف بمعدل 0.72 هدف في المباراة الواحدة، إلا أنها حصيلة ضعيفة بالنظر إلى مسيرة النجم الفرنسي.
ففي آخر مواسم بنزيما مع ريال مدريد (2022-2023)، أحرز اللاعب 31 هدفًا، وصنع 6 أهداف في 43 مباراة بكل البطولات، رغم أنه نافس بمسابقات أقوى كدوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني.
وربما يرجع فشل بنزيما في تحقيق تطلعات الجماهير إلى الإصابات المختلفة التي تعرض لها، وأثرت على مستواه، فضلًا عن "الأزمات المكتومة" مع لاعبي ومدربي الفريق.
هذا الإخفاق دفع ثمنه أكثر من اسم بقلعة العميد، بعد أن كانوا أطرافًا في صراعات مع بنزيما على مدار الموسم، ويبدو أن القائمة مرشحة للزيادة في ظل الحصانة التي يتمتع بها نجم ريال مدريد السابق.
تجريد رومارينيو
أول صدامات بنزيما في الاتحاد كانت مع زميله البرازيلي رومارينيو، الذي ارتدى شارة قيادة الفريق في أول مباراتين بالموسم، في ظل غياب أحمد حجازي، صاحب الشارة منذ موسم 2022-2023.
قاد رومارينيو الاتحاد أمام الرائد والطائي في الدوري السعودي للمحترفين، وبعد ذلك انتقلت الشارة إلى بنزيما بدءًا من مباراة الرياض في الجولة الثالثة من المسابقة.

ووافق المدرب نونو سانتو وقتها على طلب اللاعب الفرنسي، كونه أبرز نجوم الفريق، وأكثرهم خبرة في البطولات الدولية، أملًا في نثر سحره بملعب الجوهرة المشعة.
لكن كما كان الرياض شاهدًا على أول مباراة لبنزيما كقائد للاتحاد، تجرد النجم الفرنسي من الشارة لأول مرة أيضًا أمام الفريق العاصمي ذاته، في الدور الثاني من المسابقة، فبراير/ شباط الماضي.
وقرر وقتها المدرب مارسيلو جاياردو تجريد بنزيما من شارة القيادة، وإعادتها لحجازي، الذي عاد من الإصابة، ما كان أحد أسباب الخلاف بين المدرب الأرجنتيني ومهاجمه.
معروف سانتو لم يشفع
رغم أن سانتو هو من منح بنزيما شارة القيادة، إلا أن النجم الفرنسي، وبحسب التقارير الصحفية، كان سببًا في الإطاحة بالمدرب البرتغالي في وسط الموسم.
واستغنى الاتحاد عن خدمات سانتو، نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، رغم أن المدرب قاد الفريق للعودة إلى منصات التتويج بلقبي الدوري وكأس السوبر موسم 2022-2023.

وجاء قرار الإقالة المثير للجدل وقتها بطلب من بنزيما، بسبب اعتراض المهاجم على طريقة لعب المدرب.
وما عزز طلب بنزيما في ذلك الوقت تدهور نتائج الفريق تحت قيادة سانتو قبل أسابيع قليلة على كأس العالم للأندية، الأمر الذي دفع إدارة أنمار الحائلي للإطاحة بالمدرب.
جرأة جاياردو تكلفه منصبه
دخل بنزيما في خلافات عدة مع جاياردو، أدت في نهاية الموسم لرحيل المدرب الأرجنتيني، خصوصًا أنه خسر 5 ألقاب محلية وخارجية.
لم يلعب بنزيما كثيرًا تحت قيادة جاياردو، إذ عانى من إصابات مختلفة خلال فترة ولايته.

وحسب إحصاءات موقع "ترانسفير ماركت"، شارك بنزيما تحت قيادة جاياردو في 16 مباراة فقط بكل البطولات، بينما غاب عن 17 مباراة.
وتأخر بنزيما في العودة من إجازة للانضمام إلى معسكر الفريق الشتوي في مدينة دبي، ما أثار غضب جاياردو، ودفعه لاحقًا لتجريد اللاعب من شارة القيادة، بل إنه تجرأ وطالب برحيل المهاجم صاحب الـ36 عامًا.
وقال لؤي ناظر، رئيس الاتحاد الجديد، "جاياردو ارتكب العديد من الأخطاء في الموسم الماضي، منها طلبه إبعاد بنزيما، وهو قرار لا يتماشى مع رغبتنا، لذلك سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة (بشأن فسخ عقد الأرجنتيني)، وبدأنا في البحث عن مدرب جديد".
حمدالله يدفع ثمن التداخل
بات عبدالرزاق حمدالله، مهاجم الاتحاد، أحدث ضحايا بنزيما في الاتحاد وأبرزها، كون المهاجم الفرنسي تسبب بصورة مباشرة في رحيل الهدّاف المغربي.
كانت التوقعات في البداية تشير إلى ثنائية ذهبية بينهما في هجوم العميد، لكن الأمور لم تسر بالشكل الصحيح، مع تدهور نتائج الفريق، الأمر الذي أظهر المشكلات.
وأجمع المحللون على تداخل الأدوار بين بنزيما وحمدالله في هجوم الاتحاد، إذ يرون أن كليهما يلعب نفس الأدوار في العمق، كونهما يتمتعان بمواصفات متشابهة، لذلك فإن وجودهما معًا في التشكيل يضر أكثر مما يفيد.

ويمكن الاستشهاد بما قاله مصطفى حاجي، أسطورة المغرب، في تصريحات تليفزيونية: "حمدالله وبنزيما يلعبان في نفس المركز وبنفس الأدوار، عندما يكون لديك اثنين من المهاجمين بنفس الخصائص، كلاهما يلعب داخل منطقة الجزاء، فهما بحاجة لجناحين لإمدادهما بالكرات العرضية، وهما أيضا بحاجة لمن يساعدهما من الخلف".
ومع المطالبات بالاستغناء عن أحدهما لصالح الآخر، يمكن القول إن الاتحاد ضحى بحمدالله لإفساح المجال لتألق بنزيما في الموسم الجديد.
وبالمقارنة بين أرقام المهاجمين، يظهر تفوق حمدالله الذي لعب 41 مباراة بكل البطولات، ساهم خلالها في 35 هدفًا (سجل 30 وصنع 5).
وأشارت تقارير صحفية إلى أن الاتحاد قرر إبعاد حمدالله لعدم تأقلمه مع بنزيما، فيما خرجت تقارير جديدة في الأيام القليلة الماضية تفيد باتفاق المهاجم المغربي مع التعاون، الذي يشارك في دوري النخبة الآسيوي الموسم المقبل.
الحاكم بأمره؟
حاولت إدارة الاتحاد إرضاء بنزيما من خلال تنفيذ كل مطالبه وحمايته من كل الانتقادات، على أمل أن يمحو الصورة السلبية التي ظهر بها الموسم الماضي، ويقود مشروع النادي الجديد للعودة إلى البطولات.
فهل تستمر هذه الحصانة في الموسم المقبل، خصوصًا بعد تصريحات ناظر، التي قال فيها إن "بنزيما جزء أساسي من مشروع الدولة والاتحاد"؟