يصعب أن نجد تنافسا بين فريقين في إنجلترا، كما حدث بين مانشستر يونايتد وآرسنال، وذلك في فترة امتدت لسنوات منذ أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة.
 
ومع التنافس بين الناديين اللدودين، كانت هناك معركة تدار حينا في العلن، وأحيانا كثيرة في الخفاء بين نجمي الفريقين روي كين وباتريك فييرا.
 
التنافس بين النجمين كان فاكهة المباريات، ولعل أكثر ما يفتقده عشاق الفريقين هو غيابهما عن الساحة الخضراء، التي كانت تمثل حلبة الملاكمة بين محمد علي وفريزر.
 
 نفق هايبري

في الأول من فبراير عام 2005، كانت الأنظار تتجه نحو ملعب هايبري، وهو المعقل السابق لنادي آرسنال، والفريقان على أهبة الاستعداد للدخول للملعب.

وصل اللاعبون إلى النفق المؤدي للمباراة، وبدأوا يتحضرون للدخول، لكن حدثت جلبة مفاجئة، في الوقت الذي كانت فيه الكاميرات التلفزيونية تلتقط المشهد كاملا.
 
تحرك كين تجاه فييرا، وكأنه يبدي اعتراضه بغضب على كلمات خرجت من فم الفرنسي، وتدخل الحكم جراهام بول لنزع فتيل القتال.
 
في الوقت الذي كان فيه باسكال سيجان يبعد فييرا عن موقع الحدث، كانت الكلمات التي همس بها دينيس بيركامب في أذن كين، تثير غضبه من جديد، ليشق طريقه وسط زحمة اللاعبين، ويبدأ بالصراخ تجاه فييرا..(سنرى هناك).
 
لقد مرت ثماني دقائق فقط عندما تقدم فييرا برأسية لآرسنال، ورد يونايتد بعد 10 دقائق بهدف رايان جيجز الذي غير اتجاهه، لكن آرسنال استعاد التقدم قبل نهاية الشوط الأول بفضل لمسة بيركامب الرائعة.
 
ومع ذلك، تحولت الأمور لصالح الشياطين الحمر بعد 10 دقائق من بداية الشوط الثاني، حيث سجل كريستيانو رونالدو هدفين متتاليين تقدما للضيوف بشكل غير متوقع، وعلى الرغم من طرد مايكل سيلفستر، إلا أن الشياطين صمدوا، وتمكنوا في الدقيقة الأخيرة من تسجيل هدف صاعق عندما أرسل البديل جون أوشي كرة مذهلة ليتوج هجمة مرتدة كاسحة ويجعل النتيجة 4-2 للضيوف.


 
لماذا غضب كين؟
 
اتضح لاحقًا أن كين كان غاضبًا من حقيقة أن قائد آرسنال كان على حد تعبيره، "يتنمر" على جاري نيفيل، وهو الأمر الذي أوضحه نيفيل نفسه في تصريحات أدلى بها في عام 2017.
 
يتذكر نيفيل قائلاً: "كنت أسمع خطواتي خلفي وفييرا يصرخ: نيفيل! نيفيل! لن تطرد لاعبينا من هذا الملعب اليوم".
 
"من الواضح أن روي استدار وسمعه وبدأ في مهاجمته. لقد قام (فييرا) بسكب زجاجة المياه الخاصة به نحو روي، ثم انفتحت أبواب الجحيم."
 
 
"لقد شعرت أنهم كانوا يتنمرون على غاري" ، هذا ما قاله كين لاحقًا في كتابه "النصف الثاني". "لا أعتقد أنه كان ترهيبًا، بل كان تنمرًا."
 
وأضاف: "لقد كنت هناك للقيام بعمل. الفوز بالمباراة - الدخول والخروج". لكن الأمر كان أشبه إلى حد ما بالتحضير لمباراة ملاكمة - قياس الوزن، والمؤتمرات الصحفية – والتهديد بما سيكون عليه الحال داخل الحلبة.
 
وعن ذلك يواصل كين: "أعتقد أن كرة القدم ربما تفتقر إلى تلك الطاقة الآن، قليلًا، وهذا التوتر. لقد كان رائعًا. لكن بعد سنوات، يذكر الناس النفق ولا يتذكرون المباراة التي جاءت بعده".
 
ليعد إلى السنغال

انتهت المباراة ولم تنته كراهية كين لفييرا، وتجاوز الأمر حدود إنجلترا عندما خرج بتصريح شهير خلال مشاركة خصمه اللدود مع المنتخب الفرنسي:

"لماذا يشارك فييرا مع المنتخب الفرنسي بدلا من المنتخب السنغالي" في إشارة لمكان ولادة النجم الفرنسي، وتكرر الأمر في كثير من المناسبات التي لعبت فيها فرنسا.



مصالحة حضارية

بعد صراعات استمرت لفترة طويلة من الوقت تصالح كل من روي كين وباتريك فييرا، وكان اللاعبان يتشاجران بكثرة اثناء مباريات الفريقين الا انهما تصالحا قبل مباراة اليونايتد امام مانشستر سيتي.

فاز كين بالدوري الإنجليزي 7 مرات مقابل 4 مرات لفييرا

في وقت لاحق، قال كين روايته حول حادثة النفق: 

"كان آرسنال فريقًا كبيرًا، وفي النفق المؤدي للملعب بدا لاعبوه أضخم من ذي قبل، توقعت أن تتم مضايقة "نيفيل" في الملعب؛ لكن لم أتوقعها في النفق!"
 

 
يقول "فييرا عن كين "لم أندهش من حديث "كين، لأنه كان من هؤلاء الذين لا يجاملون ولا يخادعون، الأمر ببساطة هو كل شيء أو لا شيء للأيرلندي العنيد".
 

 
كلا اللاعبين اعتزلا منذ فترة طويلة، لكنهما لا يزالان مترابطين بشكل وثيق مع كرة القدم، حيث يتابعان مسيرتهما المهنية في مجال التدريب والنقد. 
 
في أكتوبر 2014 عقب صدور كتاب "كين"، تبادل الثنائي أغرب نوع ممكن من المجاملات، عندما اعترف كين بأنه "كان ليخسر أي معركة بدنية حقيقية مع الفرنسي إبان لعبه لأرسنال لأن قوته كانت لا تُضاهى".
 
ورد فييرا أن "كين كان ليصيبه ببعض الجروح أولًا قبل أن ينهزم".
 
 دفن العداوة

مؤخرًا، تمكن الثنائي من دفن عداوتهما للأبد، بل وظهرت سويًا في فيلم وثائقي بعنوان "أفضل الأعداء"، تبادلا فيه رواية أفضل وأسوأ لحظاتهما عبر تاريخهما الطويل.
 
كما أشاد كين بخصمه اللدود بمناسبة تكريمه من اتحاد الكتاب الإنجليز، قائلًا "إن خصومته مع قائد المدفعجية جعلته لاعبًا أفضل، وأنه يضع فييرا ضمن أفضل من واجههم أو زاملهم، مع بول سكولز، فرانك لامبارد، ستيفن جيرارد وزين الدين زيدان، لأنه لا يقل أهمية لتاريخ أرسنال عن تييري هنري ودينيس بيركامب، ويستحق تمثالًا يخلده مثل ثنائي الهجوم الشهير".