لو طلبت من أبرع مخرج سينمائي أن يرسم لك على الشاشة فيلما فيه الكثير من الدراما التي تبدو خيالا مستحيلا، فلن يقدر هذا المخرج على إخراج ما جرى في سباق القمة بين مانشستر سيتي وأرسنال.. فقد فاز السيتي على إيفرتون قبل أن يلعب أرسنال ويخسر أمام برايتون، ولا أظن أن مخرج الفزع هيتشكوك أو ساحر السينما الإيطالية فريدريكو فيللينى يمكنه إخراج ما جرى في يوم الأحد.

فاز السيتي وحقق انتصاره رقم 11 على التوالي، وبدت علامات الحلم تظهر على وجه جوارديولا بإحراز الثلاثية، وهو يتحفظ، وقد علمته كرة القدم وتجاربه أن الحفلة لا تبدأ قبل موعدها، فأمامه ثلاث نقاط في مبارياته الثلاث المتبقية للتتويج باللقب للموسم الثالث على التوالي والتاسع في تاريخه، والخامس في المواسم الستة الأخيرة، من دون انتظار اللقاءين المتبقيين لأرسنال في البطولة هذا الموسم، وأمامه مباراة عودة مع ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا غدا الأربعاء وعليه أن يتجاوز الفريق الملكي ليذهب إلى النهائي، ثم أمامه أيضا المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي يوم 3 يونيو المقبل، فهل يضمن شيئا وسط دراما كرة القدم؟

اعتذر أرتيتا لجماهير أرسنال بعد الخسارة الكبيرة أمام برايتون على ملعب الإمارات، وهو اعتذار ضمن موجات اعتذارات باتت ظاهرة عالمية في كرة القدم، ولم نكن نراها قبل سنوات باعتبار أن اللعبة فوز وهزيمة، لكن مع ضغوط الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والنمو الاقتصادي والاستثماري أصبحت الهزيمة تتطلب الاعتذار، إلا أن اعتذار أرتيتا مستحق، فالفيل الذي صعد إلى أعلى الشجرة دون أن يدرى أحد كيف صعد، توقع الكثير من الخبراء سقوطه، ليس لوزنه الثقيل أو لضعفه، وإنما لقوة منافسه، الذي يلعب كرة قدم جميلة ومعقدة، يقول عنها خبراء اللعبة ونقادها أن هذا المزيج بين الجمال واللعب المعقد يضيف جمالا..

لكن التعقيد والجمل التكتيكية المركبة، لا تعني تقليدها أو محاولة التفكير فيها كما فعل المدرب الكولمبي الجديد للزمالك خوان كارلوس أوسوريو بأفكار تفوق قدرات الفترة القصيرة التي بدأها مع الزمالك، وتفوق قدرات لاعبيه تكتيكيا، وتفوق قدراته كمدرب، مثل أن يبرر تشكيله في مباراة بروكسي في كأس مصر بأنه معجب بتجربة ألكسندر أرنولد في وسط الملعب مع ليفربول، أو تجربة ستونز مع مانشستر سيتي، وكلاهما أرنولد وستونز في غمار تكتيك معقد وصعب للغاية يحتاج إلى تدريب وخبرات.

***
الباقي لمانشستر سيتي ثلاث نقاط أو ثلاث دقات، في ثلاث مباريات ليتوج باللقب، ويسقط الفيل من أعلى الشجرة، ولتعود لنا كرة القدم بدروس الحكمة والروية والتأمل، فهي لا تصنع المدربين النجوم فقط، ولا تصنع النجوم السوبر فقط، ولكنها تصنع أيضا فلاسفة في أوساط النقاد والمشجعين مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو!

نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية