فنشر ثقافة الرياضة النسائية لا تتوقف عند حد تنظيم المباريات والبحث عن الاستثمار، بل تصل إلى الصناعة السينمائية، والتي تساعدك بشكل كبير على نشر رسالتك لأبعد مسافة ممكنة، وهنا يأتي دور الإبداع الذي يحلق برسالتك لمدى أبعد مع جناحي الوعي والشجاعة.
سيشهد شهر سبتمبر المقبل ظهور الفيلم الوثائقي المصري (عاش يا كابتن)، بالانجليزية (Lift Like a Girl) معناها بالعربي "أرفعه كفتاة"، في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي 2020 بكندا، للمخرجة والمنتجة المصرية مي زايد.
تكمن أهمية ظهور هذا الفيلم من وجهة نظري في أنه يركز على نقطتين مهمتين، فالأولى هي إبراز واقع وصعوبة التحديات التي تواجهها الرياضة النسائية في منطقتنا العربية، كقلة الموارد المالية، وضعف البنية التحتية كعدم توفر الصالات والملاعب الجاهزة لخدمة الموهوبات والبطلات، وتحديداً الألعاب الفردية التي للأسف تفقد سنوياً العديد من الموهوبات في الوطن العربي لاتخاذهن قرار ترك التدريبات والرياضة بسبب عدم توفر أبسط الاحتياجات.
والنقطة الثانية تتعلق في استمرار المحاولات الجادة لخلق انسجام بين رياضة رفع الأثقال النسائية وثقافة المجتمع العربي، حيث سيعطي الفيلم للاعبات رفع الأثقال فرصة ذهبية لنشر رسالتهن بكل ثقة، والدفاع عن أنفسهن ضد أصحاب النظرة التقليدية والمتأخرة التي تحارب هذه الرياضة، وتحديداً النظرة الضيقة التي تستخدم بشكل فج سلاح "الأنوثة" ضد لاعبات رفع الأثقال.
بصراحة، أنا كرجل دائماً انتقد زملائي الصحفيين (الرجال) الذين يدسون أنوفهم في موضوع "الأنوثة" وإقحامها بشكل فج في الشأن الرياضي، لأنني أرى أن هذا الشأن يخص بين اللاعبات النساء فقط، وهن سيتناقشن بين بعضهن البعض، ولهذا سأكتفي بنقل كلمة بنت بلادي، التي مثلت السعودية في بطولة العالم لرياضة كروس فت 2019 في أمريكا، أمل الشهراني، عندما قالت لقناة روتانا خليجية السعودية: "أشعر بأنوثتي عندما أحمل أثقل الأوزان، أشعر بأنني أقوى كأنثى".
وختاماً،، بالتأكيد لن أنسى الأفلام الوثائقية والسينمائية الأخرى التي نقلت رسائل الرياضة النسائية العربية بالسنوات الأخيرة، كفيلم (17) للمخرجة الأردنية وداد شفاقوج، وفيلم (خرطوم أوفسايد) للمخرجة السودانية مروى زين، وجميعها تحدثت عن كرة القدم النسائية والتحديات الاقتصادية والمجتمعية التي تواجهها في أوطانهن، لتكون تلك الأعمال الإبداعية سلاحاً جديداً لنشر الرياضة النسائية عبر الاستعانة بالوعي والشجاعة.