هناك من لا ينتظرون اكتمال السقوط ليبدأوا محاولة الوقوف من جديد.. ومن لا ينتظرون وقوع الكارثة حتى يبدأوا البحث عن أسباب وحلول.. ومن هؤلاء الألمان الذين اشتهروا بجديتهم والتزامهم وانضباطهم فى مختلف مجالات حياتهم.. وانزعج الألمان كثيرا من تراجع الرياضة فى بلادهم.. ففى كرة القدم وبعد الفوز بمونديال ٢٠١٤ خرجوا من الدور الأول فى مونديالى ٢٠١٨ و٢٠٢٢.. ولم يفوزا ببطولة أمم أوروبا منذ ١٩٩٦ رغم استضافتهم لها فى ٢٠٢٤.

ومنذ ٢٠٢٠ لم يفز بايرن ميونيخ بدورى أبطال أوروبا رغم أنه لا يزال ثانى أكثر أندية أوروبا فوزا بهذه البطولة بعد ريال مدريد.. ولم يفوزوا ببطولة العالم لكرة اليد منذ ٢٠٠٧ رغم استضافتهم لبطولة ٢٠١٩ بمشاركة الدنمارك.. وتراجع مستواهم الأوليمبى وبدأ عدد ميدالياتهم يتناقص دورة بعد أخرى منذ دورة برشلونة ١٩٩٢ التى فازوا فيها بـ ٨٢ ميدالية واكتفوا فى دورة باريس الماضية بـ ٣٣ ميدالية فقط.. كما خسر الألمان أيضا كل سباق أوليمبى خاضوه بعد دورة ميونيخ ١٩٧٢ لاستضافة دورة أوليمبية.. فخسرت برلين استضافة دورة ٢٠٠٠ وفازت سيدنى.

وخسرت لايبزج استضافة دورة ٢٠١٢ وفازت لندن.. وخسرت هامبورج استضافة دورة ٢٠٢٤ وفازت باريس.. وكان بإمكان الألمان تجاهل كل ذلك والمبالغة فى الاحتفال بفوزهم العام الماضى بكأس العالم لكرة السلة كبطولة وحيدة كبرى للألمان فى السنوات الماضية.. كان بإمكانهم الاحتماء بتاريخ قديم حافل بالبطولات والانتصارات واستعادتها بإلحاح لنسيان حاضر ومستقبل.. أو إطالة الحديث أيضا عن مؤامرات أمريكية وصينية ضدهم أو تأكيد التزامهم بالقواعد الأوليمبية الوهمية وأن المشاركة أهم من أى نتائج.

لكنهم فضلوا مصارحة أنفسهم والبحث عن الأخطاء قبل أن يصبح الفشل هو القاعدة وليس الاستثناء.. ومن أجل ذلك اجتمع توماس فايكرت رئيس الاتحاد الألمانى للرياضات الأوليمبية وبيرند نيوندروف رئيس اتحاد الكرة الألمانى وفريدهيلم بيوشر رئيس اللجنة الباراليمبية الألمانية.. وطالب الثلاثة هذا الأسبوع بوزارة خاصة للرياضة فى ألمانيا بدلا من أن تبقى ضمن أعمال وزارة الداخلية ووزيرتها الحالية نانسى فيزر.. واتفق الثلاثة على أن الرياضة الألمانية تحتاج الآن لوزارة خاصة بها ليست كشكل أو ديكور إنما كجهة وحيدة تلتقى عندها كل الخطط والمشروعات والأهداف.. فالفشل والفوضى هما نتيجة حتمية حين تتولى أكثر من جهة إدارة أى مجال سواء فى الرياضة أو غيرها.. فالمسئولية تضيع حين يجرى تقسيمها بين كثيرين ويعجز المجتمع عن المساءلة والحساب.. ولا تعنى المطالبة بهذه الوزارة إلغاء مهام وواجبات مؤسسات رياضية ألمانية قائمة.. فالألمان يدركون جيدا الفارق بين مهام وواجبات وزارة للرياضة وما ينبغى أن تقوم به لجنة أوليمبية واتحادات وأندية رياضية.

نقلًا عن المصري اليوم